أ.د. حسين عبد الكاظم
أ.م.د.سحرعبد الرضا مجيد
كلية الطب/جامعة الكوفة\فرع الادوية والعلاجيات
الاصابة الفايروسية هي غزو وتكاثر للفايروس الغريب في الجسم (وهي مقياس شدة الفايروس او مقياس تردي مناعة الجسم)
واما وباء الفيروس فهوانتشار الفيروس إلى المجتمع (وهو مقياس قدرة الانتشار)
على عكس البكتيريا ، فان الفايروسات تمتاز ببطئ التغاير والتحول الجيني بسبب افتقارها إلى البروتينات النووية والبلازميدات التي تحفز التغير الجيني.
يتطلب التباين في بروتينات الفايروس وانتشار النوع المرضي انخفاض مناعة الجسم المصاب. هذه الحقيقة تنطبق على كل الفايروسات حتى فيروس نقص المناعة البشرية الايدز لأنه يهاجم بشكل رئيسي الخلايا اللمفاوية فيعمل على تهيأة العامل المهم لتكاثره وتغايره الجيني وهو نقص المناعة. فنقص المناعة شرط اساسي لظهور الاوبئة الفايروسية بخلاف باقي انواع الاوبئة. ان الاتصال بالمصادر الحيوانية للفايروس مثل الخفاش والمدرع والجمل والافاعي لا يؤدي الى الوباء بالرغم من ان الاصابات بالفايروس قد تحدث لكنها لاتسبب وباءا الا اذا كان الفايروس مطفرا بصورة اصطناعية او ان مناعة المجتمع منخفضة جدا كما حدث في وباء الانفلونزا الاسبانية بعد الحرب العالمية الاولى.
وفي حالة فايروس كورونا 19 SAR nCOV 2 (COVID 19) ، فقد احتفظ الفيروس ببروتينات العدوى المعتدلة لفيروس بيتا كورونا الاصلي ولكن حدث تغايرا في بروتيناته المسمارية التي يلتصق بها في غشاء الخلية فكانت اطول واكثر التصاقا نتيجة الطفرات الجينية الا ان ذلك ابقى ضراوة الفايروس خفبفة حيث يسبب نسبة ٢% وفيات اغلبهم من كبار السن والخدج ومرضى نقص المناعة وهذا الرقم من الشدة ابسط بكثير من الانفلونزا وسائر انواع الفايروسات فما الجديد في فايروس كورونا.
الجديد هو ان التغيير حدث في قابليته على الانتشار اي انه بقي ضعيفا ولكنه سريع الانتشار وساعد على ذلك الاعلام الغير متخصص والاعلام المستفيد.
وان الاصابة بهذا الفايروس كورونا 19 COVID 19 (SAR nCov2) لا يمكن تفسيرها علميا بانتقال العدوى من الخفافيش عبر الثعابين عبر حيوان المدرع إلى الإنسان بسبب الملاحظات التالية.
١. تشير خريطة انتشار الفايروس الى اماكن نشوء اصابات كورونا مستقلة عن بعضها مثل الصين وبعض الدول الاسيوية وظروفها مختلفة كثيرا عن بعضها حيث ان بعض الدول الاسيوية لا تتعامل مع اغلب انواع الحيوانات ومع ذلك تشير الخارطة الى نشوء الاصابات فيها وانتقال الفايروس منها وتوجد دول تتعامل كثيرا مع الحيوانات مثل الهند ولا تشير الخارطة الى تكون الاصابات فيها وانما جاءها من الصين
وهذا يدعوا الى اعادة النظر في تكون وانتشار المرض
٢. ان الخفافيش والمدرع البانغولين والحيوانات الاخرى على اتصال دائم مع الإنسان منذ عصور طويلة ولم يسجل التاريخ وباء فايروسي بهذا المقدار والانتشار.
٣. ان الذعر الجماعي كان عاملا مهما في اعطاء الصورة المبالغ فيها عن حقيقة الاصابة
فحقيقة الاصابة بفايروس كورونا هو وباء لفايروس بسيط ولكنه ينتشر سريعا بسبب تطوير مسامير الالتصاق عند الفايروس وان اغلب المتصدين للاخبار اما ان يكونوا مدراء وسياسيين واعلاميين غير متخصصين ولايميزون بين الفايروس الخطر ذو الانتشار الواسع والفايروس البسيط ذو الانتشار الواسع كما ان الوسط العلمي المتخصص يتجاوب مع جدية الذعر الذي اصاب العالم ويظهرون في الاعلام والندوات وحالما يظهرون يعطي ذلك انطباعا لعامة الناس بجدية الخطر ولاينتبهون للحقائق المطمئنة التي يتفق عليها كل المتخصصين من كون فايروس كورونا يقتل ٢% من المصابين معظمهم من المسنين ومرضى نقص المناعة وهذه حقيقة ثابتة وصفة من صفات الامراض البسيطة حيث ان نسبة الوفيات في اصابات الانفلونزا وغيرها اكثر بكثير من نسبتها في الكورونا 19.
٤. ان الكثير من الدول ذات الدخل المنخفض و المزدحمة بالسكان وذات التماس الطويل مع أنواع مختلفة من الحيوانات مثل المجتمعات الهندية والإفريقية وأمريكا الجنوبية لم تسجل الأوبئة الفيروسية بما يناسب هذه الفرص للحصول على معدلات وبائية فيروسية وان اغلب الاوبئة هي بكتيرية او طفيلية وان كانت هنالك حالات من الاوبئة الفايروسية مثل الايبولا والجدري فنها انحسرت ولا تتناسب مع استعداد تلك الدول للاصابة بالاوبئة وهذا يشير الى صعوبة حصول الوباء الفايروسي الا في حالتين وهما ضعف المناعة المجتمعية او تطوير الفايروس بالتقنية المختبرية لانه على خلاف البكتيريا التي تستطيع العيش والتطوير خارج الخلية فان الفايروسات لا تستطيع ذلك.
فالحالتان الوحيدتان التي يحدث فيهما الوباء الفيروسي على وجه التحديد هما إما نسبة عالية من السكان الذين يعانون من نقص المناعة كما لوحظ بعد الحرب العالمية الأولى في الانفلونزا الاسبانية أو في حالة الجينوم الفيروسي المعدل في المختبر. خلاف ذلك ، فإن المجتمعات الفقيرة والمزدحمة وارتفاع معدلات تلامس الحيوانات قد تهيئ للأوبئة البكتيرية أو الطفيلية بخلاف الأوبئة الفيروسية.
الاستنتاجات والموقف الصحيح
يمكن للباحث استنتاج الانطباع الصحيح التالي والموقف العملي تجاه أي وباء فيروسي وخاصة SAR nCov 2 (COVID 19).
1. لا شيء يدعو الى القلق تجاه هذا الوباء. ووفقًا للأدلة السريرية ، فإن COVID 19 هو عدوى عادية لكن انتشارها واسع.ويجب على الناس الالتزام فقط بأخبار المصادر والقنوات العلمية المتخصصة والموثوقة لتجنب الذعر غير المنطقي وظاهرة الانفودمك او المبالغة الخبرية.
2. تجنب الحالات التي تؤدي إلى انتشار الاصابات الفيروسية التي هي الأماكن المزدحمة ، والاتصال مع المرضى الذين يعانون من علامات عدوى الجهاز التنفسي ، والتغيرات في الظروف الجوية مثل البرد والرياح ، وتجنب حمامات الماء المتكررة ورطوبة الشعر ، والتعرق الشديد ، والعمل الشاق والأرق. من ناحية أخرى ، يجب اتخاذ الإجراءات التالية مثل غسل اليدين بشكل متكرر ، واستخدام القناع ، والحفاظ على درجة حرارة جسمك مستقرة ، ومحاولة الراحة لبضعة أيام
3. أفضل تدابير التغذية وتعزيز المناعة هي تشجيع وجبات اللحوم الحمراء (1-2 حصص من حوالي 150-200 جم) يوميًا لمدة سبعة أيام ، الحليب (200 مل / يوم) ، المكسرات (100 جم / يوم) ، الخضار (300 -500 جم / يوم) ، ثمار (300-500 جم / يوم) ، ماء (2-2.5 لتر / يوم)
وتشمل التدابير الداعمة الأخرى التي تم التحقق منها من خلال الدراسات السريرية ان تناول 5000 وحدة / يوم من فيتامين D3 المتوقع أن يقلل من انتشار الفيروس.
4. التدابير العلاجية للمرضى الذين يعانون من أي عدوى تنفسية حادة من أصل فيروسي تشمل الباراسيتامول ، ديكلوفيناك بعد الاكل، فينيليفرين مزيل الاحتقان بالإضافة إلى ديفينهيدرامين وتيربنويد مزيل الاحتقان مع مدخول جيد من السوائل (1-2 لتر أكثر من RDA) بالإضافة لبضعة أيام . مراقبة دقيقة للحرارة اليومية ، وضغط الدم ، ومعدل النبض ، ومعدل التنفس الذي يحتاجه المرضى في بعض الأحيان.
في التهابات الجهاز التنفسي الحادة أو الالتهاب المعقدة بالبكتيريا من خلال العلامات السريرية او الفحوصات فالمفضل الاحالة الى المستشفى واضافة السوائل الوريدية والمضادات الحيوية مع اخذ مسحة البلعوم ، واختبار مستضد COVID 19 في الالتهابات المشتبه بكونها وباء الكورونا.
5. في حالة التحديد الدقيق لـ COVID 19 ، يتم اتخاذ تدابير لعزل المريض والمراقبة لمدة 1-2 أسبوع.
COVID 19 في شكله المالوف يسبب التهابات تنفسية بسيطة ويحتاج إلى التداخلات الداعمة فقط والتدابير الوقائية.
في الحالات الشديدة وخاصة الأشخاص الضعفاء ، قد يسبب COVID 19 الالتهاب الرئوي أو اضطرابات الكلى أو أضرار متعددة في الأعضاء كما هو الحال مع أي إصابة في الجهاز التنفسي.
يحتاج مرضى COVID 19 في حالاته الشديدة إلى عزل تام مع الدعم الصحي بالسوائل وخافضات الحرارة والمضادات الحيوية. اقترحت الدراسات التجريبية بعض الادوية المعاد استعمالها حديثا والتي أظهرت تحسنا سريريا.
من هذه الأدوية ، ريميديفير ، الكلوروكين ، ريتونافير ، تيربينافين والليفاميزول. كما ان المنشطات المناعية مثل مضاد للفيروسات الخيار العلاجي أيضا.
من الانطباع العام حول COVID 19 ، استخلصت الحقائق التالية
1. يحتاج المجتمع البشري إلى التثقيف والارشاد المستمر والتوجيه نحو السلوك الصحيح لأن التقدم في تقنيات الاتصال ، والتطورات في نمط الحياة الحديثة لم تضمن سلامة هذا المجتمع من حالات الذعر غير المنطقية التي تشابه حالات الذعر التي حدثت في القرون السابقة.
2. تتزايد مشاكل وقضايا صحة الإنسان بمرور الوقت ولا تتناسب مع التطورات الحاصلة في خدمات الحياة الأخرى ، لكن التدابير العلاجية لا تزال سيئة للغاية وبحاجة الى تطوير جاد وسريع.
3. قد تكون بعض التقنيات الموجودة في مختبرات التكنولوجيا الحيوية محفوفة بالمخاطر لمستقبل صحة الإنسان.
الشكل (١) يبين نشوء وانتشار وباء الكورونا 19
الشكل (٢) يبين انتشار تجارة الحيوان المدرع الوسط بين الخفاش والانسان
الشكل (٣) التطابق النسبي بين الكورونا 19 بالاحمر وجينات سبيه السارس في الخفاش
المصادر
thelancet.com
sciencedirect.com
pubmed.com
AsianScientists
YouTube images
28/2/2020